متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الفرقان

صفحة 532 - الجزء 2

  يدل على الوعيد: وذلك أنه تعالى بين أن من يفعل ذلك يلق أثاما، والوعيد إذا تعلق بأفعال مذكورة متقدمة، وجب تعلقه بكل واحد منها، فيجب أن يكون الزنا بانفراده، يتعلق هذا الوعيد به⁣(⁣١).

  ويدل أيضا على الخلود، كما نقوله، لأنه قال: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً}⁣(⁣٢).

  والخلود ينبئ عن الدوام ونفى الانقطاع، ولذلك قال لنبيه صلّى اللّه عليه:

  {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ}⁣(⁣٣) ولو كان الوقت المنقطع يوصف بذلك لم يكن في موته منع للتخليد فيهم!

  ٥٢٤ - وأما قوله تعالى: {وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً}⁣(⁣٤) وقولهم إن ذلك يدل على أنه الفاعل لما يصيرون به أئمة ومؤمنين، فقد بينا من قبل أنه لا يدل على ذلك، وأنه لا يمتنع كون الإمام إماما بأمور من قبله لولاها لم يجب الائتمام به، وتقصّينا ذلك⁣(⁣٥)، وبينا أن الظاهر إذا زال، فالواجب حمله على الألطاف وغيرها.

  * * *


(١) تتمة الآية السابقة. قوله تعالى: {وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً}.

(٢) الآية ٦٩ قوله تعالى: {يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً}.

(٣) من الآية: ٣٤ من سورة الأنبياء.

(٤) من الآية: ٧٤.

(٥) انظر الفقرة: ٥٣ والفقرة السابقة لها.