متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الشعراء

صفحة 534 - الجزء 2

  ٥٢٦ - وقوله تعالى: {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً} ظاهره «أنه آتاه العلوم التي بها بان من غيره. وكذلك نقول.

  وقوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ}⁣(⁣١) إنه بإرسال اللّه صار كذلك.

  وهذا قولنا فلا تعلق للقوم به.

  ٥٢٧ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى ما يدل على أن موسى أراد من السحرة الكفر، فقال لهم: {أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ}⁣(⁣٢) وقد علم أن وقوع ذلك منهم كفر.

  والجواب عن ذلك: أن الإلقاء قد يقع على وجه يحسن عليه، بأن يكون مقصدهم في ذلك ظهور الفصل بينه وبين المعجز، لينكشف صدقه عما يدعيه، وقد يقبح متى قصدوا به التلبيس وبيان كذبه، فلا يمتنع أن يأمرهم موسى # بالإلقاء على الوجه الأول، وبطل⁣(⁣٣) ما توهموه. وإن كان يقدح ذلك لو كان الإلقاء على كل وجه يكون كفرا، والحال بخلافه.

  وبعد، فإن المعلوم من حال موسى أنه لم يأمر بذلك ولا أراده، لأنه كان يريد من جميعهم البدار إلى تصديقه في النبوة، وإنما قال ذلك على وجه التقرير؛ ليبين أنكم إن كان لا بد من أن تفعلوا ما عزمتم عليه فافعلوه، ليتبين الفرق بين الدلالة والتمويه، كما يقول الواحد منا للمبطل إذا كلمه وقد أظهر عليه الدلالة تكلم على هذا إن كنت محقا!


(١) هذا المقدار ساقط من د.

(٢) من الآية: ٤٣.

(٣) لعل الأصوب: «ليبطل» ويكون الكلام عن السحرة، أو «فبطل» ما توهمه المخالف.