ومن سورة الشعراء
  ٥٢٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يخلق فعل العبد ويريده، فقال: {وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ وَأَنْجَيْنا مُوسى}(١) فبين أنه قرّب فرعون من المسلك في البحر.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يقتضى إلا أنه فعل تعالى الإزلاف، وليس فيه أن ذلك القرب هو قرب من البحر، أو من غيره، فلا ظاهر لهم في الوجه الذي قالوه.
  وقد قال شيخنا أبو علي، |: يحتمل أن يكون المراد بذلك أنه قرّبهم من الأجل والهلاك، لأن ورودهم المسلك في البحر أوجب هلاكهم وغرقهم، فهذا في الحقيقة تقريب من الأجل فعله اللّه.
  قال: ويجوز أن يكون المراد بالإضافة: أنه تعالى لما جعل ذلك المسلك يبسا وعبر موسى فيه بأصحابه، وظن فرعون أن يبقى على تلك الحالة، دعاه ذلك إلى القرب والدخول، فمن حيث فعل ما هو الداعي والسبب في ذلك جاز أن يقال:
  إنه أزلفهم، وإن كان الفعل لهم.
  ٥٢٩ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى - بعده - ما يدل على أنه الخالق للهدى والإيمان، فقال: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[٧٨] [و] قال: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}[٨٢] وذلك يدل على أنه جوز العقوبة على نفسه مع كونه نبيا، لأن الطمع ظن.
(١) الآية: ٦٤ ومن - الآية: ٦٥.