ومن سورة الشعراء
  الانقطاع إلى اللّه تعالى، لا لأنه جوز أن يخزيه، لأن القول بذلك في المؤمن ليس بمذهب لأحد! فكيف في الأنبياء؟
  وقد بينا أن الداعي إذا دعا وطلب الشيء لا يدل على أن ذلك الشيء يقع على كل حال، وقد بينا وكشفنا القول في ذلك(١).
  ٥٣٣ - وقوله: {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ٩٦ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٩٧ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٩٨ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ٩٩}[٩٦ - ٩٩] يدل على نفى التشبيه، لأنهم وقد حل بهم العقاب بينوا أن الضلال الذي أوردهم ذلك المورد هو تسويتهم المخلوق بالخالق. والقول بالتجسيم والتشبيه يوجب ذلك.
  ومتى قال قائل: إن المراد أنهم سووا بينه وبين المخلوق في أنهم قبلوا من المخلوق وأطاعوه، فأدّاهم ذلك إلى الضلال، فهذا إن صح فهو غير ممتنع، وهو دال على ما قلناه، لأنهم إذا عدوا ذلك ضلالا، من حيث قبلوا عن غير اللّه ما يختص القديم تعالى بما يوجب القبول منه - وكذلك إذا سوى الواحد منا بينه وبين المخلوق في ذاته - لزم ذلك.
  وقوله(٢) تعالى: {وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} يبطل قول المجبرة، لأن على قولهم لم يضلهم إلا القديم، ولولا إضلاله لهم لم يؤثر إضلال المجرمين، بل هو الذي أضل المجرمين حتى أضلوا القوم!
  ٥٣٤ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى ما يدل على أن عمل العبد من قبله،
(١) راجع الفقرة ٩٤.
(٢) في الأصل: فقوله.