ومن سورة النمل
  والجواب عن ذلك: أن من شيوخنا من قال إنه كان عاقلا مكلفا في زمن سليمان، وكان ذلك معجزة له، فصح أن يقول هذا القول.
  فأما أبو علي، |، فإنه كان يقول: إنه بمنزله المراهق الذي يقارب حال العاقل، فصح منه ذلك على جهة التأديب، كما يصح من أحدنا مثله في المراهق إذا أرسله وعصى فيما أراد منه. قال: ولا يمتنع مع هذا أن يقول: {وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[٢٤] فيكون حاكيا لذلك من غير معرفة باللّه تعالى، كما يحكى مثله المراهق.
  ٥٤١ - وقوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ}[٢٤] يدل على قولنا في العدل، من جهات:
  منها: أنه أضاف تزيين عملهم إلى الشيطان، ولو لم يكن ذلك فعلهم لم يكن عملا لهم، ولو لم يكن من جهتهم لم يكن لتزيينه تأثير؛ لأن الدواعي إنما تصح فيما لا يحصل من الفعل على جهة الوجوب، ألا ترى أن أحدنا لا يجوز أن يزيّن له الألم الذي يقع عن ضرب غيره فيه! لأن ذلك يقع به على جهة الوجوب.
  ومنها: أنه تعالى لو خلق فيهم عملهم لم يصح من الشيطان أن يكون صادّا لهم عن السبيل، بل كان تعالى هو الموصوف بذلك، وكان لا يكون لفعله من التأثير ما يكون صدّا.
  ٥٤٢ - وقوله تعالى: {فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} يدل على تمسكنهم من الاهتداء، وعلى أنه لو وقع لكان من قبلهم، وذلك ظاهر.
  ٥٤٣ - وقوله تعالى من بعد: {قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ