ومن سورة النمل
  ٥٤٦ - وقوله تعالى: {أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ}[٦٤] لا يدل على أن الحرام من رزقه تعالى لمن تناوله(١). وإنما يدل على أنه يرزقنا فقط، «ثم يعتبر ذلك من الرزق ومن الرزق رزقا له(٢)، لا يدل الظاهر عليه. والمتناول للحرام قد رزقه اللّه تعالى الحلال.
  وذلك الحرام فهو رزق لمن ملكه، فهو داخل تحت الظاهر في الوجه الذي يقتضيه ويدل عليه.
  ٥٤٧ - وقوله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ}[٨٠] فقد بينا في نظائر ذلك أنه على جهة التشبيه بحال الميت الأصم، بحيث أعرضوا عما يلزمهم النظر فيه وتأمل معانيه(٣).
  ٥٤٨ - وقوله تعالى: {وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا}[٨١] المراد به أيضا ما ذكرناه، وقد تقدم ذلك مشروحا.
  ٥٤٩ - وقوله: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}[٨٨] يدل على أنه تعالى لم يخلق القبائح: لأنه لو خلقها وصنعها لوجب فيها أن تكون متقنة، ولو جاز ذلك فيها لجاز أن تكون حكمة وصوابا، وذلك محال.
  أو أن يقال: إنه خلقها ولم يتقنها، وهذا بخلاف الظاهر، لأنه يقتضى أنه أتقن الجميع على العموم، فلم يبق إلا القول بأنها لم تحت تدخل الظاهر، وأنها ليست من صنعه، وهي من أفعال العباد.
(١) انظر الفقرة ٣١ مع التعليق.
(٢) كذا في الأصل. ولعل المعنى: ثم هل يعتبر الحرام من الرزق أم لا؟
(٣) انظر الفقرة ٢١ والفقرة ٥٩.