ومن سورة القصص
ومن سورة القصص
  ٥٥٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه يجعلهم أئمة، ويخلق فيهم الأعمال الصالحة، فقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً}[٥].
  والجواب عن ذلك قد تقدم(١)، لأنه لا يجوز أن يجعلهم في الحقيقة أئمة، لأنه يجب القبول منهم والاقتداء بهم، من حيث يحملهم الرسالة ويثبتهم بالمعجزة، وقد علم أنهم لا يصيرون كذلك بأفعالهم، فإذن يجب أن يكون المراد بالظاهر ما قلناه. وإذا ملكهم للأمور جاز أن يقول: {وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ}(٢) من حيث ملكوا ذلك، ومن حيث ملّكهم ومكّنهم من التصرف. ويجوز أن يقول: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ}(٣) من هذا الوجه، ومن جهة إيجابه على الناس الانقياد لهم والقبول منهم.
  ٥٥١ - وقوله تعالى: {لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها}(٤) فقد بينا في نظائره(٥) أنه لا يمكن التعلق بظاهره، لأنه يقتضى الربط الذي لا يصح إلا في الجسمين، فالمراد أنه صبّرها وقوّى قلبها حتى فعلت بموسى ما فعلته، وكتمت من حالها ما كتمته.
  ٥٥٢ - وقوله تعالى، من بعد: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها} وقوله: {قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ}(٦) يدل على أن ما فعله لم يكن
(١) انظر الفقرة: ٥٢.
(٢) تتمة - الآية السابقة، رقم ٥.
(٣) من - الآية السادسة.
(٤) من - الآية العاشرة.
(٥) انظر الفقرة: ٤٣٣.
(٦) قال تعالى: {دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} الآية ١٥.