متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة القصص

صفحة 544 - الجزء 2

  خلقا للّه، وإلا لم يكن لإضافته إلى الشيطان معنى؛ لأن وجود دعائه كعدمه في هذا الباب. وإنما قال تعالى: {هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ} - وإن كان⁣(⁣١) من عمله - لتقوى بذلك إضافته إليه. وقد يستعمل مثل ذلك كثيرا في الشاهد إذا كان سبب الفعل وقع من الغير.

  ٥٥٣ - وقوله تعالى: {قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}⁣[٦٦] يدل على أن ذلك من فعله، فلذلك كان هو الظالم لنفسه. ولو كان من فعل اللّه تعالى لكان هو الظالم له، تعالى اللّه عن ذلك!

  فإن قال: فكيف يجوز أن يظلم نفسه، وتلك المعصية هي صغيرة لا ضرر عليه فيها؟

  قيل له: إن أبا على، |، قال في ذلك: إنه لما ألزم نفسه التوبة، مع كونها شاقة، من حيث أقدم عليها، كان ظالما لنفسه من هذا الوجه!

  وقد اعترض شيخنا أبو هاشم، |، بأن قال؛ إن ذلك يوجب أن يكون تعالى بأصل التكليف ظالما للعبد، وهذا مما لا يجوز القول به؛ لأن التكليف نفع، من حيث يستحق أنه يصل إلى الثواب، فكيف يكون ظالما؟.

  وقال، |: إنما صار ظالما لنفسه بالصغيرة، من حيث نقصت من ثوابه، فصار فوت النفع بمنزلة حصول المضرة.

  قيل: وهذا هو الصحيح من الجوابين.

  ٥٥٢ - وقوله تعالى: {قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ


(١) في الأصل: فإن.