متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة العنكبوت

صفحة 549 - الجزء 2

  ٥٦٥ - وقوله: {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ}⁣[٤٠] يدل على قولنا في العدل؛ لأنه لو كان اضطرهم إليه لم يكن أخذا لهم بذنوبهم.

  ٥٦٦ - وقوله تعالى: {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} بعد قوله: {وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ}⁣(⁣١) يدل على أنه تعالى لا يخلق فيهم الكفر والمعاصي، ولا يكلفهم ما لا يطيقون ثم يعاقبهم.

  ٥٦٧ - وقوله تعالى: {خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}⁣[٤٤] قد بينا من قبل في نظائره أنه يدل على تنزيهه عن القبائح، وأنه لا يفعل إلا على الوجه الذي يحسن⁣(⁣٢).

  ٥٦٨ - وقوله تعالى: {وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ}⁣[٤٨] يدل على قولنا في العدل؛ من جهات:

  منها: أنه تعالى إذا منّ أنه جنّبه الكتابة والقراءة لئلا يرتاب به، فكيف يظن مع ذلك أنه يخلق في القوم الريبة، والشك، والجهل، والكفر؟

  ومنها: أنه تعالى لو فعل ذلك فيهم لكان جعله، صلى اللّه عليه، بهذه الصفة عبثا لا فائدة فيها⁣(⁣٣)، وذلك أنه إن خلق ذلك فيهم وجب كونهم كذلك على


(١) قال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} الآية ٤٠.

(٢) انظر الفقرة: ٤٣١. وانظر بيان ذلك أيضا في الفقرة التالية: ٥٧٤.

(٣) لعل الأصوب: فيه.