متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الروم

صفحة 555 - الجزء 2

  وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ}⁣[٢٣] ليس⁣(⁣١) في ظاهره أكثر من أنهما دلالة، ولا يجب لذلك أن يكونا خلقا من خلقه تعالى، ويجب أن يرجع في الفرق بين ما هو من خلقه، ومن فعل العبد، إلى أمر سواء.

  وأراد - تعالى - أن يبين أن من آياته ونعمه أن فصل بين الليل والنهار، وجعل الليل سكنا، والنهار معدّا للتصرف وابتغاء الفضل، ونبه بذلك على حالهما وموقع النعمة بهما.

  ٥٧٩ - وقوله تعالى من بعد: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ}⁣[٢٦] فقد بينا أن هذه الإضافة لا توجب بظاهرها أمرا مخصوصا، وأنه يحتاج فيها إلى دلالة⁣(⁣٢)، وإن كنا لا ننكر أنه المالك لمن في السماوات والأرض، وأنه الخالق لهم، لأن المراد بذلك العقلاء.

  وقوله تعالى: {كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ} المراد بذلك: ثابتون على الانقياد والاستسلام؛ لأن هذا هو الذي يشترك الكل فيه، دون العبادة والقيام بها، لأنهم في ذلك يختلفون.

  ٥٨٠ - وقوله تعالى من بعد: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}⁣[٢٩] قد بينا القول في نظائره، وأنه لا يدل على أنه يقال: يضل بخلق الكفر وبخلق سببه⁣(⁣٣). فالمراد بذلك: أن أحدا لا ينجى من أهلكه اللّه، ولا يثبت من حكم اللّه بعقابه، ولذلك قال بعده: {وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} منبها بذلك على ما ذكرناه.

  ٥٨١ - دلالة: وقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ


(١) في الأصل: وليس.

(٢) انظر الفقرة ٤٢ والفقرة ٨٥.

(٣) انظر الفقرة ٢٢، والفقرة ١٦٣.