ومن سورة لقمان
ومن سورة لقمان
  ٥٨٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أن الكافر لا سبيل [له] إلى سمع الكلام والاستدلال، فقال: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً ...}[٧].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يقتضى أنه لا يسمع، ولا إثبات الوقر في أذنيه؛ لأنه تعالى شبهه بمن هذا حاله، لا أنه أثبته بهذه الصفة! بل لو استدللنا بذلك على ما تأولنا عليه سائر الآي، من أن المراد التشبيه لا التحقيق لصلح؛ لأنه كشف ما ذكره هاهنا على أن مراده في كل موضع هو تشبيه حالهم، من حيث أعرضوا عن الاستدلال بما سمعوا، بحال من لا يسمع الموقر والصمم.
  ٥٨٥ - فأما قوله تعالى: {هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}[١١] فلا يدل على أن غير اللّه لا يفعل، لأن الكلام إنما يقتضى أمرا مخصوصا، وأنه خلقه دون غيره. وإنما دل بذلك على أن ما يدعونه من دون اللّه إلها لا يخلق، ولا يملك ضرا ولا نفعا. ولو صح أن المراد بذلك الخلق، لكان إنما يدل على أن الأشياء المعينة لا يخلقونها، وكذلك نقول. أو لكان(١) يدل على أنهم لا يحلقون، وإن كانوا يقدرون ويفعلون، فلا ظاهر للقوم يتعلقون به.
  ٥٨٦ - وقوله من بعد: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ}[٣١] لا يدل على أن فعل الجادف للفلك من خلقه تعالى، وإنما يدل على
(١) في الأصل: لو كان.