متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة السجدة

صفحة 561 - الجزء 2

  وقد قيل: إن المراد نفس الثواب، [أي] أنا لو شئنا لأثبناهم وخلصناهم بالمغفرة مما هم فيه.

  وقد قيل: إن المراد بذلك الإلجاء، فكأنه تعالى قال: ولو شئنا لألجأنا كل نفس إلى الهدى والإيمان، ولآمنوا عند ذلك، لكنا أردنا ذلك على وجه الاختيار، فمتى عصى الواحد وكفر فليس إلا النار، للوعيد السابق.

  ٥٩٠ - وقوله: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ}⁣[١٨] يدل على أن الفاسق لا يساوى المؤمن في الجنة والثواب، ولو كان الأمر كما يقوله كثير من المرجئة، لكان قد ساواه في ذلك. وبين بما بعده ذلك مفصلا، فقال:

  {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٩ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها}⁣[١٩ - ٢٠](⁣١) ولو كان الفاسق يخرج من النار، إما بانقطاع ما يستحقه من النار، أو بالشفاعة، لما صح ما ذكره تعالى من أنه كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، بل كان يجب أن يقال: إنهم يريدون الخروج فلا يعادون فيها! وهذا يكذّب الظاهر!

  ٥٩١ - وقوله تعالى: {ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}⁣(⁣٢) لا يدل على أن جميع ما تقدم في الكفار؛ لأن بعض الكلام إذا استقل بنفسه لم يجب تخصيصه بما يتعقبه، ولأن في الفساق من يكذّب بدوام


(١) تتمة الآية: ١٣.

(٢) قوله تعالى: {وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا ...} الخ تتمة الآية ٢٠.