ومن سورة الأحزاب
  والمعاصي حاصل فأزاله وأذهبه، وهذا معلوم فساده. والمراد بالكلام أنه خصهم لمكان رسول اللّه، صلى اللّه عليه، بضروب الألطاف والكرامات، وطهرهم بذلك، وفضلهم تعالى على غيرهم.
  ٥٩٦ - قوله جل وعز: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[٣٦] فالمراد به الإيجاب والإلزام.
  وقد بينا أن ذلك داخل تحت ما ينطلق عليه «القضاء» في اللغة، فلا يصح حملهم على أنه الخالق لذلك فيهم، فخرجوا فيه عن الاختيار(١).
  وبعد، فإن القوم إن قالوا بأن ذلك من خلقه تعالى، فإنهم لا يصفون العبد بأنه لا اختيار له ولا خيرة، وذلك يبين صحة ما قلناه.
  ٥٩٧ - وأما قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}[٤٣] فقد بينا أن ظاهر النور والظلمات لا يفيدان الكفر والإيمان، ومتى حمل عليهما فقد اعترف فيه بأنه مجاز(٢).
  والمراد بذلك: أنه يرحم العباد بالألطاف، فيخرجون بها من الكفر إلى الإيمان، ولذلك قال من بعد: {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}(٣)
  ٥٩٨ - وقوله تعالى قبل(٤) ذلك: {فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} ٣٧ فالتعلق به في أن العقد من فعله تعالى بعيد، لأن المزوّج في الشاهد ليس هو الفاعل لعقد التزويج؛ لأن العقد لا يتم به، وإنما يوصف
(١) انظر الفقرة: ٣٩٣.
(٢) انظر الفقرة: ٨٦.
(٣) تتمة الآية: ٤٣.
(٤) في الأصل: بعد.