متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الأحزاب

صفحة 565 - الجزء 2

  والمعاصي حاصل فأزاله وأذهبه، وهذا معلوم فساده. والمراد بالكلام أنه خصهم لمكان رسول اللّه، صلى اللّه عليه، بضروب الألطاف والكرامات، وطهرهم بذلك، وفضلهم تعالى على غيرهم.

  ٥٩٦ - قوله جل وعز: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}⁣[٣٦] فالمراد به الإيجاب والإلزام.

  وقد بينا أن ذلك داخل تحت ما ينطلق عليه «القضاء» في اللغة، فلا يصح حملهم على أنه الخالق لذلك فيهم، فخرجوا فيه عن الاختيار⁣(⁣١).

  وبعد، فإن القوم إن قالوا بأن ذلك من خلقه تعالى، فإنهم لا يصفون العبد بأنه لا اختيار له ولا خيرة، وذلك يبين صحة ما قلناه.

  ٥٩٧ - وأما قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}⁣[٤٣] فقد بينا أن ظاهر النور والظلمات لا يفيدان الكفر والإيمان، ومتى حمل عليهما فقد اعترف فيه بأنه مجاز⁣(⁣٢).

  والمراد بذلك: أنه يرحم العباد بالألطاف، فيخرجون بها من الكفر إلى الإيمان، ولذلك قال من بعد: {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}⁣(⁣٣)

  ٥٩٨ - وقوله تعالى قبل⁣(⁣٤) ذلك: {فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} ٣٧ فالتعلق به في أن العقد من فعله تعالى بعيد، لأن المزوّج في الشاهد ليس هو الفاعل لعقد التزويج؛ لأن العقد لا يتم به، وإنما يوصف


(١) انظر الفقرة: ٣٩٣.

(٢) انظر الفقرة: ٨٦.

(٣) تتمة الآية: ٤٣.

(٤) في الأصل: بعد.