متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الأحزاب

صفحة 567 - الجزء 2

  إلى ضلالهم وكفرهم إضلال من تبعهم، فدعوا عليهم بضعفين من العذاب، أحدهما لكفرهم، والآخر لإضلالهم غيرهم، وبين تعالى أن أتباعهم لا يستوجبون ذلك من حيث ضلّوا ولم يضلّوا.

  ٦٠٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر ما يدل على أنه يجوز أن يكلف السماوات والأرض بالأمانة، وعلى أن العبد مع عمله الأمانة قد يكون ظلوما، فقال:

  {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا}⁣[٧٢]

  والجواب عن ذلك: أن الظاهر لا يدل على ما ذكروه، وإنما يقتضى أنه عرض الأمانة على هذه الأمور، والعرض ليس من التكليف بسبيل، وفيه أن الإنسان حملها فلا ظاهر لذلك لأن الأمانة إذا أريد بها الأفعال المخصوصة، فوصف الإنسان بأنه حاملها، توسع؛ لأن الحمل في الحقيقة إنما يصح في الأجسام وقوله: {إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا} ليس في ظاهره لما ذا صار كذلك، فتعلقهم بظاهره لا يصح.

  ولم يبق إلا أن يقال: فما المراد إذا كان حمله على ظاهره لا يستقيم؟ وهذا تنازع في التأويل وتسليم بأن⁣(⁣١) الظاهر لا دلالة لهم فيه.

  وقد قال أبو علي، |، إنه تعالى أراد به أنه عرض الأمانة على أهل السماوات والأرض والجبال، من الملائكة والجن والإنس، وأنه ذكر الأمانة وأراد تضييع الأمانة!. وأن الملائكة لم تحمل ذلك وحملها الإنسان؛ لأنه كان


(١) في الأصل. لأن.