متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الملائكة

صفحة 573 - الجزء 2

  والوحي وأنزل الكتب على الأنبياء، ثم قسم: فذكر أن منهم ظالم لنفسه بارتكاب الصغائر، ومنهم مقتصد، وهو الذي لم يرتكبها، ويفعل سائر الواجبات، ومنهم سابق بالخيرات، وهو الذي يبالغ فيما يفعله من النوافل، وينتهى فيه إلى حد عظيم، وكل ذلك مما يليق بالأنبياء، $.

  وقد قال غيره: إن المراد بذلك أنه أورث الكتاب المؤمنين القابلين عن الأنبياء ما أدوه من الرسالة، لأنه لا بد أن يرثوا كتب الأنبياء من حيث قبلوا وتمسكوا، ولا بد من أن يصطفيهم تعالى ويخصهم بالعز والكرامة، ثم قسمهم فقال: منهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق، على ما ذكرناه.

  ٦١٣ - وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا}⁣[٤١] يدل على نفى التشبيه؛ لأنه لو كان جسما لما صح تسكينهما على الحد الذي قد علمناه؛ لأن الجسم لا يجوز أن يسكّن الشيء المنفصل منه إلا ببعض جوارحه، ولا يصح أن يسكنه على غير هذا الوجه، فلولا أنه تعالى قادر لنفسه يخترع الأفعال اختراعا لما صح ذلك.