ومن سورة يس
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه جعلهم بهذه الصفة، وهذا لو ثبت لما منع من الإيمان، لأن الغل والسد لا يمنعان من الإيمان، ولو أن العدو عمل ذلك بالأسير لم يمنعه ذلك من الإيمان، والقيام بما كلف، فالتعلق به في الوجه الذي ذكروه لا يصح!
  وبعد، فإن المعلوم من حالهم أنهم لم يكونوا كذلك، فحمله على ظاهره تكذيب للخبر، فالضرورة توجب صرفه إلى خلافه.
  وقد بينا من قبل في أمثاله: أن المراد به التمثيل والتشبيه لحالهم بحال المقيّد المغلول الممنوع بالسد والحجب، من حيث لم ينتفع بما سمع، وأعرض عن الاستدلال، وشرحنا ذلك بما يغنى عن الإعادة(١).
  ٦١٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يخلق أعمال العباد، فقال: {وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ}[٣٥] فخبر بأنه جعل ما عملته أيديهم.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر قوله: {وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} يقتضى الرجوع إلى أقرب المذكور، فكأنه تعالى قال: وفجرنا فيها من العيون، لكي يأكلوا من ثمره، وما عملته أيديهم من المكاسب، وقد علمنا أن رجوعه إلى هذا وإلى ما تقدم لا يصح، لاختلاف الغرضين، فليس إلا ما ذكرناه. ولو حمل على
(١) انظر الفقرة: ٢١.