ومن سورة يس
  إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ٦١ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}[٦٠ - ٦٢] يدل على قولنا في العدل، من وجوه:
  أحدها: أنه تعالى منع من عبادة الشيطان والقبول منه، لأنه عدو. وعلى قولهم؛ يوجب ذلك أن لا يقبل منه تعالى أيضا؛ لأن عداوته للكافر أشد، لأن الشيطان إنما يدعو إليه ويزينه، واللّه تعالى يخلقه فيه على وجه لا مخلص له منه! فما أوجب أن لا يقبل من الشيطان، يوجب أن لا يقبل منه تعالى على زعمهم!.
  ومن وجه آخر، وهو - على قولهم - يجب أن تكون العداوة من الشيطان لا تصح، وإنما تصح من قبله تعالى، لأن الشيطان لو دعاه، وبلغ النهاية فيه ولم يختر تعالى خلقه الكفر فيه لكان وجود ما فعله كعدمه، ولو خلق فيه تعالى ذلك لوجب كونه كافرا وإن لم يدعه الشيطان أو رغبه فيه. وهذا يوجب كونه تعالى هو العدو للكافر دون الشيطان! وذلك يؤدى إلى أمرين فاسدين: أحدهما:
  أنه تعالى جعل ما ليس بموجود في الشيطان علة فيه! والثاني: يوجب كونه علة فيه تعالى، ونفاه عن نفسه!
  وبعد، فإنه تعالى فعل في الشيطان ما صار به عدوا لبنى آدم، ولولا فعله ذلك لم يصح كونه عدوا. فيحب أن يكون تعالى هو العدو للكافر - على قولهم - من وجهين: أحدهما أنه فعل به الضرر. والآخر أنه فعل بغيره دعاءه إلى الضرر. فهو العدو والحامل للعدو على العداوة، وقد علمنا أن العاجز عن