متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة يس

صفحة 579 - الجزء 2

  فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً}⁣[٧١]

  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا من قبل الكلام في ذلك⁣(⁣١).

  وظاهر هذه الآية مما لا يقول به مسلم؛ لأن من يجوّز الجوارح على اللّه تعالى لا يثبت له الأيدي، فلا بد من حاجته إلى تأويل هذه الآية، فيكون حاله كحالنا في تركه الظاهر، والعدول إلى التأويل.

  وقد ثبت أن ذكر الأيدي هو على طريق التأكيد، وذكرنا لذلك أمثالا، نحو قول القائل لغيره: ذلك بما جنته يداك، وإن كانت الجناية بالقول والكلام، فالمراد به ما جنيته. فكذلك المراد بهذه الآية: أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما؛ وذكر على جهة الامتنان، وبين سائر وجوه منافعهم بالأنعام مما عدد من بعد، إلى قوله: {أَفَلا يَشْكُرُونَ}⁣(⁣٢).

  ٦٢٢ - فأما قوله تعالى: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}⁣[٨٢] فقد بينا الكلام فيه⁣(⁣٣).

  * * *


(١) انظر الفقرة: ١٩٧.

(٢) تتمة الآية السابقة - ٧١ - قوله تعالى: {فَهُمْ لَها مالِكُونَ} وما بعدها:

{وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ ٧٢ وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} الآيتان: ٧٢ - ٧٣.

(٣) انظر الفقرة: ٥١.