متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة والصافات

صفحة 587 - الجزء 2

  الأدلة، عقلا وسمعا، وقلة معرفتهم بوجوه الكلام ومخارجه وتعلق البعض بالبعض.

  ٦٢٥ - فأما قوله تعالى، من بعد: {وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي}⁣[٩٩] فالمراد بذلك: إلى حيث أمرني ربى. وقد بينا القول في نظائر ذلك⁣(⁣١).

  ٦٢٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يأمر بالشيء ولا يريده فقال: {قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى}⁣[١٠٢] ثم بين في الآية ما يدل على أنه لم يرد الذبح، فإنه فداه بذبح عظيم⁣(⁣٢)؟

  والجواب عن ذلك أن الذي ... (ا) مأمور به، وأنه ليس بمراد ... (ب) يستدلوا به على أن الذبح مأمور به لم يكن فيه دلالة على أنه ليس بمراد، بل من يقول إنه مأمور به يقول إنه مراد، ويجوز في الأمرين البداء والنسخ، على بعض الوجوه، فتعلقهم بذلك على هذا الوجه مما لا يشهد له الظاهر.

  وإنما بنوه على أصولهم في أن ما لا يقع لا يكون مرادا للّه، ورأوا أن الذبح لم يقع فقطعوا على ذلك، وحكموا عنده بأنه مأمور به وإن كان هذا حاله.

  وهذا جمع بين الظاهر وبين مذهب لهم، فيه التنازع. وكيف يصح فيما هذا حاله أن يعد استدلالا بالظاهر مع حاجته إلى ضم ما فيه الخلاف إليه، وما يجرى مجراه من المذاهب؟ ولا فرق بينهم في ذلك وبين من يقول: إذا ثبت أنه ليس بمراد


(١) انظر الفقرات: ٣٠، ٥٨، ٣٠٩.

(٢) انظر الآيات: ١٠٢ - ١٠٧.

(ا) خرم في الأصل.

(ب) خرم في الأصل.