متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الزمر

صفحة 593 - الجزء 2

  ٦٣٦ - وقوله: {لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ}⁣[٢٠] يدل على أنهم يختصون بالجنة.

  ٦٣٧ - وقوله من بعد: {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ}⁣[٢٠] يدل على أن ما تخوّف وتوعّد به لا يجوز فيه الخلف، كما لا يجوز في وعده.

  ٦٣٨ - وقوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}⁣[٢٢] لا يدل على أنه تعالى يخلق⁣(⁣١) الإيمان والثبات عليه، وذلك لأن ظاهر شرح الصدر لا يجوز أن يكون هو المراد، لأن ذلك يرجع إلى تفريق الأجسام وبسطها، وذلك غير مراد، فالمراد بالكلام غير ظاهره، وقد علمنا أن الإيمان ليس بشرح الصدر في الحقيقة، فكيف يصح حمله عليه؟

  وإنما أراد تعالى بذلك زيادات الألطاف وإيراد الأدلة والخواطر، على ما قدمناه من قبل⁣(⁣٢).

  وقوله تعالى: {فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} أراد بذلك الهدى والدلالة [وإنما سمّاه نورا]⁣(⁣٣)، من حيث يهدى به وإن كان يدل على أنه قد اهتدى، فجعله نورا⁣(⁣٤) في الحقيقة.

  ٦٣٩ - وقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ}⁣[٢٣] يدل على أنه محدث، لأن الحديث هو المحدث إذا تقارب وجوده، وتقول العرب فيما تقادم وجوده: قديم؛ فصلا بينه وبين ما تقارب وجوده،


(١) في الأصل: لا يخلق،

(٢) انظر الفقرة: ٢٣٤.

(٣) خرم في الأصل.

(٤) في الأصل: يوما.