ومن سورة الزمر
  فإذا وصفه - تعالى - بأنه حديث، فيجب كونه محدثا، ولهذا وصف الحديث الذي يتجارى فيه وبه بهذا الوصف، لأنه حادث في الوقت، ولهذا يصفون ما تقارب وجوده بأنه حديث. وما تقدمه في السنة الماضية بأنه عتيق.
  ووصفه - تعالى - للكتاب بأنه منزل يدل أيضا على ما قلناه، لأنه إن كان قديما فذلك يستحيل فيه، فلا بد من أن يراد به(١) أنه منزل إما بنفسه أو بمحله.
  وكل ذلك يقتضى حدوثه.
  ووصفه بأنه متشابه، وأراد به أنه متشاكل في الحكمة، يقتضى أيضا حدثه، لأن القديم يستحيل فيه أن يكون أشياء متشابهة.
  ٦٤٠ - وقوله من بعد: {ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ}(٢) يدل على أن الهدى هو الدلالة والبيان، وأنه يهدى به المكلف، وإنما قال: {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ}(٣) لأنه يهدى بذلك من بلغ حد التكليف من عباده، بأن يجعله دلالة لهم دون سائر العباد، فالتخصيص صحيح في هذا الباب، وإن قلنا إن الدلالة عامة في جميع المكلفين.
  ٦٤١ - وقوله تعالى من بعد: {قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}[٢٨] يدل أيضا على حدثه، من حيث وصفه بكلا الوصفين.
  ٦٤٢ - وقوله تعالى من بعد: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ
(١) في الأصل: به في.
(٢) قال تعالى: {... ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ} من الآية ٢٣.
(٣) في الأصل: يهدى به من يشاء من عباده.