ومن سورة المؤمن
  فليس له ظاهر يقتضى من المزيّن له ذلك والصادّ له عنه، فلا يصح تعلق القوم به(١).
  والمراد بذلك: أن الشيطان زين له سوء عمله ودعاه ورغبه فيه، فوصف من حيث كان كذلك بأنه صاد عن السبيل، ولم يرد أنه منع منه بالقسر؛ لأن ذلك كان يبطل التكليف، وإنما أريد به الترغيب والبعث عليه.
  ولولا أن الأمر كذلك، لوجب أن يوصف تعالى بأنه زين للكفار وصدّهم عن سبيله، وذلك مما لا يجيزه مسلم!.
  ٦٥٨ - وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ٨٤ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا}[٨٤ - ٨٥] فمن قوّى ما يدل على بطلان قول المجبرة؛ لأنه تعالى بين أنهم عند رؤية العذاب لم ينتفعوا بالإيمان من حيث كانوا ملجئين إليه، فلو كان مخلوقا للّه تعالى فيهم على كل حال، لكانوا بأن لا ينتفعوا به أولى من حيث كانوا ملجئين، ولوجب أن تكون أحوالهم عند رؤية العذاب وعند فقده إذا هم آمنوا تتفق ولا تختلف.
  وقد بينا القول في ذلك مشروحا(٢).
(١) انظر الفقرتين ٤٥ و ٦٦.
(٢) انظر الفقرة ٢٤٧.