ومن سورة حم عسق
  المذكور فيها(١).
  ٦٧٣ - وقوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ}[٢٧] يدل على بطلان قول المجبرة، لأنه تعالى بين أنه لا يبسط الرزق لئلا يقع منهم البغى، فكيف يظن مع ذلك أنه الذي يخلق الكفر والبغى فيهم؟
  ويدل على ما نقول في اللطف؛ لأنه تعالى خبر بأنه إنما لم يبسط الرزق لهم لئلا يقع منهم البغى، ولو كان ما عنده يقع منهم ذلك بمنزلة ما عنده لا يقع؛ في أنه لا يجب في الحكمة فعله، كان لا يمتنع أن يكون تعالى لم يفعل بسط الرزق لهم وقد فعل أمورا كثيرة عندها كفروا، فكان لا يكون في أن لم يفعل ذلك فائدة ولا له معنى!
  ٦٧٤ - وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ}[٤٤] يدل على أن المراد «بالضلال العقاب والذهاب(٢) بهم عن طريق الثواب.
  ويدل على أن من يستحق ذلك لا ولى له ولا شفيع، وكذلك قوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ}[٤٦]، لأنه تعالى إذا أضله على هذا الوجه فلا سبيل له إلى المخلص.
  ٦٧٥ - وأما تعلقهم بقوله: {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ}[٥١] في أنه تعالى يجوز عليه الحجاب والستر، ويجوز ارتفاعه [عنه](٣)، وأن ذلك يوجب كونه جسما فبعيد، وذلك أن ظاهره إنما يقتضى أنه لا يكلم إلا من وراء حجاب، وإلا بوحي
(١) انظر الفقرة: ١٨.
(٢) في الأصل: بالعقاب والضلال والذهاب.
(٣) خرم في الأصل، وربما كانت: لذلك، والمعنى واضح.