ومن سورة حم عسق
  وإرسال، والحجاب يحتمل أن يكون داخلا على كلامه، وعلى ذاته، وعلى المتكلم، فمن أين أن المراد ما ذكرناه(١)؟
  وقد يقول أحدنا للأعجمى وقد كلمه: إني أكلمك من وراء حجاب! والحجاب يرجع إليه لا إلى المتكلم، فإذا حصل الكلام عنه ولا يعرف المكلّم، فكأنه يجوز أن يقول: أسمع الكلام من وراء حجاب.
  والمراد بالآية: أنه يفعل الكلام في جسم محتجب عن المتكلم غير معلوم له، فمن حيث سمعه ولا يعرف الجهة يجوز أن يقال: هو مكلّم من وراء حجاب.
  وعلى هذا الوجه كلم موسى، #.
  ٦٧٦ - وقوله تعالى: {وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}[٥٢] يدل على أن الهدى هو الدلالة، وهو عام في كل مكلف، وأنه، صلى اللّه عليه، يهدى الجميع إلى الإيمان. وقد ثبت أن فائدة قوله: {مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا} هو إنما يهتدى بذلك من يبلغ حد التكليف من عباده، فيصلح التخصيص فيه من هذا الوجه.
(١) أي: ما ذكرناه لهم. وإلا لقال: ما ذكروه. وهو الأصوب.