متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الزخرف

صفحة 609 - الجزء 2

  الكفر فيهم، لأنه لو كان كذلك لم يكن في هذا القول فائدة، ولوجب أن يكون أمر المكلف موقوفا على ما يخلقه فيه من كفر وإيمان، فعل ذلك في الكفار أم لم يفعل.

  ٦٧٩ - وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}⁣[٣٦] فقد بينا القول في مثله⁣(⁣١).

  وفي هذه الآية: الظاهر أنه أراد به أنه يقيض له في الآخرة شيطانا يقارنه في النار ليعرف أنه من حيث اتبعه حل به ما حل من العقوبة، فيكون أعظم لغمة وحسرته.

  ٦٨٠ - وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ}⁣[٤٠] فقد بينا أن المراد به التمثيل والتشبيه لحالهم بحال الأعمى والأصم، وشرحناه⁣(⁣٢).

  ٦٨١ - وقوله تعالى: {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ}⁣[٧١] لا يصح تعلق من يقول بأن اللّه يرى [به] إلا إذا كان مجسما يجوز أن يكون تعالى بالصورة التي تشتهى، وذلك مما لا يقتضيه الظاهر.

  وبعد، فليس من قول أحد أن اللّه يشتهى ويلتذ به. والظاهر [لا] يوجب ذلك، فلا يصح تعلقهم به.

  وبعد، فإن الظاهر إنما يوجب أن لهم فيها ما يشتهون، وما الذي يصح ذلك فيه أو لا يصح لا يعقل بالظاهر. وكما لا يصح أن يستدل بذلك على أنه تعالى يدرك لمسا وذوقا وشما، فكذلك القول في الرؤية.

  ٦٨٢ - وقوله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ}⁣[٧٤] يدل على الوعيد والخلود، لأنه لم يخص مجرما من مجرم، وبين أنهم خالدون في النار، والخلود هو الدوام الذي لا انقطاع له.


(١) انظر الفقرة: ٤٥٦، والفقرة: ٦٦٤.

(٢) انظر الفقرة: ٢١.