متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الدخان

صفحة 610 - الجزء 2

ومن سورة الدخان

  ٦٨٣ - قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ}⁣[١٧] لا يدل على أنه خلق الكفر فيهم، لأنا قد بينا أن ظاهر الفتنة لا يقتضى الكفر، وإنما أراد تعالى بذلك التكليف وتشديد المحنة، ولذلك عقبه بذكر المعنى فقال: {وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ١٧ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ}⁣[١٧ - ١٨].

  ٦٨٤ - وقوله: {وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ}⁣[٣٢] فظاهره يقتضى ما نقول من أنه تعالى اختارهم بوجه من حيث علم أنهم يصلحون لذلك، وأن في بعثهم استصلاح العباد.

  ٦٨٥ - وقوله تعالى: {وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ}⁣[٣٣] أراد⁣(⁣١) بذلك المعجزات، فلا يصح تعلق القوم به فيما يذهبون إليه.

  ٦٨٦ - وقوله تعالى: {وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ٣٨ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ}⁣[٣٨ - ٣٩] فمن أوضح الدلالة على أنه تعالى لا يخلق إلا الحسن، وأنه منزه عن الباطل واللغو وسائر القبائح.

  ٦٨٧ - وقوله تعالى: {فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}⁣[٥٨] يدل على أن القرآن من فعله، فلذلك يصح [القول] بأنه يسره وسهل السبيل إلى معرفة المراد به.

  ٦٨٨ - وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، يدل على أن جعله كذلك وأراد أن يتذكروا ويؤمنوا، فإذا لم يخص فيجب أن يكون أراد ذلك من الجميع، كما نقوله⁣(⁣٢).


(١) في الأصل: وأراد.

(٢) وانظر الفقرة: ١٨٤.