ومن سورة الأحقاف
ومن سورة الأحقاف
  ٦٩٣ - دلالة: وقوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً}[١٢] يدل على حدث القرآن؛ لأنه إذا كان بعد كتاب موسى، متأخرا عنه، فيجب أن يكون حادثا.
  ومتى قال قائل: إن المراد بذلك أن من قبله إنزال كتاب موسى، فقد زاد في الظاهر ما ليس منه!
  فإن قال: قد روى عن الرسول، #: «كان اللّه ولا شيء، ثم خلق الذكر» وهو القرآن، فكيف يجوز مع هذا أن يكون بعد كتاب موسى؟
  قيل له: لا يمتنع أن يكونا جميعا مرادين بالذكر في الخبر، وإن كان كتاب موسى خلق قبل القرآن، لأن الخبر لا يدفع ذلك، فليس في القرآن ما يوجب أن كتاب موسى حدث في أيام موسى، فإذا صح ذلك لم يقع فيه تناف.
  ولا يمنع من صحة ذلك ما ثبت من أنه تعالى فعل القرآن، وأنزله دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم كان ينزل على قدر الحاجة إليه(١)؛ لأن ذلك لا تمتنع صحته
(١) أخرج الحاكم والبيهقي والنسائي، من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك بعشرين سنة، ثم قرأ: {وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا}. وروى عنه نحوه من طرق أخرى، قيل إن أسانيدها كلها صحيحة. انظر الاتقان: ١/ ٦٨، الطبعة الثالثة سنة ١٣٦٠.