متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الأحقاف

صفحة 615 - الجزء 2

  فإذا قالوا: المراد بذلك الجزاء المستحق عليه، فقد زالوا عن الظاهر وصاروا ينازعوننا التأويل.

  فإن قال: فيجب إذا كان المراد به الجزاء أن يكون يوفيهم ذلك في كل عمل.

  قيل: إن المستحق على الفعل لا بد من أن يوفيه - تعالى - إذا لم يكن هناك منع، ومتى كانت معه كبائر يستحق عليها من العقاب ما يزيد على ثوابه فالثواب عندنا غير مستحق للمنع الحاصل فيه، ويكون الفاسق هو المخرج نفسه من أن يستحق ذلك بمعاصيه، فلا يجب متى لم يوفّ عليه أن يكون مظلوما، بل هو معدول عليه.

  ٦٩٦ - وأما قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ}⁣[٢٩] فلا يصح تعلقهم في أنه تعالى خالق فيهم الحضور عنده، وذلك أن ظاهر هذا القول لا يوجب ما ادعوه، لأن أحدنا لو حمل غيره إلى حضرة رجل لما جاز أن يقال: صرفه إليه، وإنما يقال ذلك متى فعل انصرافه وحضوره، وكذلك نقول؛ لأن الجن الذين ذكرهم حضروا وآمنوا، فلا يمتنع أن يكون تعالى لطف لهم وأعانهم. فوصف لذلك بأنه صرفهم إليه يستمعون القرآن.