متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الفتح

صفحة 619 - الجزء 2

ومن سورة الفتح

  ٧٠٥ - أما تعلقهم بقوله: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ١ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ}⁣[١ - ٢] في أن ما لم يفعله من الذنب يجوز أن يؤاخذ به - ولذلك صح التماس المغفرة فيه - فبعيد، وذلك أنه تعالى ذكر أنه يغفر في المستقبل ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وذلك غير ممتنع أن يكون ما تقدم ذنبه قبل النبوة وما تأخر منه بعد النبوة يغفرها في الآخرة له، وفي الدنيا بعد وقوعها، فليس في الظاهر ما ذكروه، فيصح تعلقهم به.

  ولا يمتنع أن يكون الفتح الذي فتحه اللّه عليه مصلحة في كثير من الطاعات المستقبلة التي تقتضى غفران ذنبه، فلذلك قال - تعالى - هذا القول. ومتى لم يحصل على هذا القول لم يكن لغفران الذنب تعلق بالفتح. وقد علمنا أن ذلك لا يصح.

  ٧٠٦ - فأما إضافته تعالى الفتح إلى نفسه فلأنه أعان ونصر وسهل وقوى وثبت أقدامهم، فصح بهذه الأمور أن يضيف ذلك إلى نفسه على ما تقدم ذكره⁣(⁣١).

  ٧٠٧ - وقوله تعالى: {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً}⁣[٣] فقد بينا من قبل وجوه النصرة كيف تقع⁣(⁣٢)، وعلى أي سبيل يكون من فعله تعالى، فلا وجه لإعادته، لأنا قد بينا أنه ينصر بسائر وجوه النصرة، بالحجة والمعونة وتثبيت الأقدام، وتقوية النفوس، والإمداد بالملائكة، إلى غير ذلك فيصح بذلك أجمع أن يصف نفسه بأنه نصر الرسول والمؤمنين.


(١) انظر الفقرات: ٤٢، ٩٨، ٨٥.

(٢) انظر الفقرة: ٩٨ والفقرة: ١٧١.