متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة ق

صفحة 626 - الجزء 2

ومن سورة ق

  ٧١٧ - دلالة: قوله: {قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}⁣[٢٨ - ٢٩] يدل على أن الوعيد الوارد عن اللّه لا يتبدل ولا يتغير. وأنه لا يجوز أن يكون فيه إضمار وشرط. ولا أن يكون خارجا على وجه التعمية. ولا يجوز فيه الخلف، لأن كل ذلك يقتضى التبديل، وقد أبى اللّه تعالى ذلك في وعيده.

  وبين أنه وإن فعل ما توعّد به، فليس بظلام للعبيد، لأنه لم يفعل بهم إلا ما استحقوه من العقاب على ما كان منهم من المعاصي.

  وتنزيهه تعالى أن يكون ظلّاما للعبيد يدل على أنه لم يفعل الظلم ولا القبيح، على ما قدمنا ذكره في نظائره⁣(⁣١).

  ٧١٨ - وقوله تعالى: {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ}، يدل على بطلان مذهب المجبرة، لأنه بين [أنه] لا فائدة فيما يخاصمه قرينه في الآخرة، فلو كان الأمر على ما يقوله القوم، لوجب أن يكون المؤكّد لعذرهم والمزيل للعقاب عنهم، ما وجب كونهم خصما للّه تعالى! بأن يقولوا إنما كفرنا لأنك خلقت ذلك فينا وأوجبته بالقدرة التي لا تخلو عند وجودها من الكفر، وبالإرادة وبقدرة الإرادة، فكيف يجوز أن تعذبنا وقد منعتنا ولم تسهل لنا السبيل إلى ما فرضته علينا، بل منعتنا من فعله بوجوه من المنع، فكيف المخلص لنا من الكفر، وهل ما تفعله فينا من العقاب إلا بالكفر الذي فعلته، في أنه لا سبيل لنا إلى التخلص منه؟! فتكون


(١) انظر الفقرة: ١٤٥.