ومن سورة النجم
  ٧٣٢ - فأما دلالة قوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ٣٧ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠}[٣٧ - ٤٠] على أن أحدا لا يؤخذ بذنب غيره، وأنه يجازى عليه فعله، وأنه لا يجوز أن يكون ما يجازى عليه من خلق اللّه فيه؛ فبين لا يحتاج فيه إلى الإكثار فيه.
  ٧٣٣ - وأما تعلقهم في المخلوق بقوله: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى}[٤٣] في أنه تعالى يحلق الضحك والبكاء، وأن ذلك حكم سائر الأفعال؛ فبعيد، وذلك أن ظاهره إنما يقتضى أنه أضحك وأبكى، ولم يذكر متى فعل ذلك وفيه(١)، وليس فيه الكلام ما يوجب ذلك العموم فيحمل عليه، لأن هذا القول يصح إذا كان ما فعله من الضحك أقل ما يقع الاسم عليه، فهو كقولنا: فلان ضرب؛ في أنه لا يقتضى العموم.
  وبعد، فلو ثبت أنه أضحك وأبكى، لم يوجب ذلك في أفعال العباد ما قالوه، لأن البكاء الذي هو إرسال الدمعة، من فعله تعالى، والضحك الذي هو التفتح، قد يجوز أن يكون من لعله، ولا ينافي إضافة الأمرين إليه، ما نقوله من أن العبد فاعل في الحقيقة.
  وبعد، فان ذلك يوجب أن يوصف تعالى من كل فعل فعله عندهم بمثل ذلك، فيقال: إنه تعالى جهّل وفسّق وقتل، إلى سائر الأسماء المشتقة، ولا يرتكب القوم ذلك.
  فالمراد بالآية: أنه تعالى فعل السبب الذي عنده وقع منهم ذلك، وأراد بالضحك ما قالوه من السرور، وبالبكاء خلافه.
(١) لعل الصواب: وفيمن.