ومن سورة الرحمن
ومن سورة الرحمن
  ٧٣٩ - أما قوله تعالى: {الرَّحْمنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢ خَلَقَ الْإِنْسانَ ٣ عَلَّمَهُ الْبَيانَ ٤}[١ - ٤] [فإنه لا يدل على قولهم في المخلوق - لأن اللّه أضاف إلى نفسه تعليم البيان](١) والقرآن - لأن العلم بهذين ضروري، ولا يمكن إلا من قبله تعالى، فأما العلم بالقرآن، فهو الحفظ له على الوجه الذي يمكنه أن يؤديه ويتلوه.
  وأما العلم بالبيان، فهو العلم بكلام العرب، ومواضعتها، ومواقع فائدته، وذلك كله ضروري يحصل بالعادة، فلا يمتنع من إضافتها جميعا إلى اللّه تعالى على الحقيقة، وذلك يدل على حدث القرآن؛ لأن تعلمه إنما هو طريقة الحفظ لترتيبه، وذلك يقتضى حدثه. ولا يجب من حيث فصل بين القرآن وبين الإنسان، فوصفه بأنه علمه، والإنسان بأنه خلقه، أن يدل في ذلك على أن القرآن ليس بمخلوق، على ما زعمه بعض الجهال، وذلك لأن كون الشيء موصوفا لا يمتنع من أن يختص بصفة أخرى. فما الذي يمنع من أن يكون تعالى خلق الأمرين، وإن كان في هذه الآية لم يذكر إلا خلق الإنسان؟!
  وكان يجب على هذه الطريقة أن يكون البيان غير مخلوق أيضا، لأنه تعالى فرق بينه وبين الإنسان. وكان يجب مثل ذلك في سائر الأجسام؛ من حيث خص تعالى الإنسان بالذكر. وهذا في نهاية البعد.
  ٧٤٠ - وأما قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ٢٦ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ}[٢٦ - ٢٧] فلا يدل على إثبات وجه له، تعالى عن قولهم، وذلك لأن الوجه قد يراد به ذات الشيء. وعلى هذا تقول العرب: هذا وجه الرأي، ووجه الأمر، ووجه
(١) خرم في الأصل. على أن القاضي | يستدل بالآية، من وجه آخر، على حدث القرآن.