ومن سورة الرحمن
  ومقامه، حتى يكون ذلك مرغّبا في الطاعة، وصارفا عن المعصية، فيجب أن يحمل الكلام على أن المراد به: أن من خاف مقامه، ووقوفه للمساءلة، والمحاسبة بفعل الطاعة، فله الثواب. وأضاف المقام إلى اللّه تعالى وإن كان مقاما للعبد، لأنه بحيث يحكم تعالى، ولأن الموضع المعد من قبله لوقوف العبد، ومقامه، فأضيف إليه تعالى لذلك.
  ٧٤٣ - وقوله تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ}[٦٠] فأحد ما استدل به أصحابنا، رحمهم اللّه، على العدل. وذلك أن المطيع قد يعبد اللّه المدة الطويلة، فيحسن بذلك، ثم يرتد ويموت عليه، فلو كان تعالى خلق الكفر فيه، لكان قد جازى المحسن بالإساءة التي لا غاية أكبر منها، وذلك يكذب ما تقتضيه الآية، فإذن يجب أن نقطع بأنه لا يجوز أن يخلق - تعالى - الكفر والردة، وأنهما من فعل العبد، حتى إذا عاقبه، لم يفعل إلا باستحقاق، ولا يفعل تعالى بالمحسن إلا الإحسان في الحقيقة، إلا إذا أحبط المحسن إحسانه وأفسده.