ومن سورة الحديد
  ٧٤٩ - وأما تعلق المشبهة بقوله: {وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ} في أنه جسم، وأنه يجوز عليه الاحتجاب والظهور [فباطل](١)، وذلك أنه لو كان بهذه الصفة لم يجب أن يوصف في حالة واحدة بأنه ظاهر وباطن، بل كان يجب أن تختلف أحواله في ذلك، فكان يجب أن يكون في مكان مخصوص، وأن يكون له حد محدود، يصح أن يبطن ويظهر، وكان يجب أن يكون هذا وصفه أبدا، على ما ذكره، وذلك يوجب إثبات الأجسام لم تزل.
  فالمراد بذلك: أنه القاهر المستعلى؛ لأن من هذا حاله يقال إنه ظاهر، وإنه ظهر على الشيء. كما يقال: ظهر القوم على العدو، وهم ظاهرون عليه. والمراد بوصفه بأنه باطن: أنه عالم بالسرائر، وعلى هذا يقال: إن فلانا استبطن فلانا، إذا خصه بأحواله.
  ٧٥٠ - وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}[٩] فقد بينا أن ظاهره يقتضى أنه يخرج من جسم إلى جسم. ومن ظلمة إلى ضياء. ولا يقتضى الكفر والإيمان(٢).
  فتعلقهم بظاهره لا يصح.
  والمراد بذلك: أنه ينزل القرآن ليبعثهم بذلك على مفارقة الكفر، والعدول عنه إلى الإيمان. وذلك يدل على ما نقول من أنه تعالى يريد من جميعهم الإيمان؛ لأنه لم يخص بذلك قوما دون قوم.
  ولو حمل على ظاهره، لوجب أن يكون تعالى أنزل القرآن لكي يفعل فيهم الإيمان ويخلقه، ولو كان ذلك من خلقه لكان انزال القرآن ليس بسبب
(١) لا بد من هذه الزيادة، أو أن تكون الجملة: (ولا تعلق للمشبهة ... الخ.).
(٢) انظر الفقرة: ٨٦.