متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة المجادلة

صفحة 646 - الجزء 2

ومن سورة المجادلة

  ٧٥٣ - مسألة: قوله تعالى في كفارة الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً}⁣[٤]، مع إجماع الأمة على أن من يدخل في الصيام، فلا يكون مستطيعا⁣(⁣١)، ويكون فرضه الصوم دون الإطعام، يدل على بطلان قولهم في أن القدرة مع الفعل، وأن من ليس بصائم، ولم يدخل فيه، فهو غير مستطيع له في الحقيقة.

  ٧٥٤ - وتعلق المشبهة بقوله: {ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا}⁣[٧] فبعيد، وذلك أنه متى حمل على ظاهره، يتناقض، لأنه إن كان رابعا لثلاثة في مكان، استحال كونه رابعا لغيرهم في سائر الأماكن، والظاهر يقتضى كونه رابعا لكل ثلاثة تناجوا. وقد بينا أنه لا يمكنهم القول بأنه معهم إلا مع القول بأنه جسم؛ لأن هذه اللفظة لا تطلق إلا فيما هذا حاله، خصوصا في الأماكن والأشخاص.

  فيجب أن يحمل الكل على أن المراد به: أنه عالم بأحوالهم، وأنهم لا يقدرون على أن يستسروا بما يتناجون، دونه، ولذلك خص من يتناجى بذلك، دون غيرهم - والمشبهة لا تقول بأنه تعالى عند النجوى يحصل في المكان أو مع العبد، وفي سائر الأحوال يغيب - منبها بذلك على أن إخفاء النجوى إنما يصح على العباد دون اللّه تعالى.


(١) انظر الآية رقم ٣.