متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة المجادلة

صفحة 647 - الجزء 2

  ٧٥٥ - وقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[١٠] فلا يدل على أنه - تعالى - يريد أضرار الشيطان، وذلك أنه تعالى بين أن الشيطان بوسوسته يريد أن يغمهم، وأن ما يفعله ليس بضارهم في الحقيقة؛ لأنهم يعدلون عما يقتضيه دعاؤه ووسوسته.

  وقوله تعالى: {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} أراد: إلا بأن يحدث تعالى الغم في قلوبهم بما يحدث من الأمور، فيكون حادثا من جهته. أو يريد بذلك ما يفعله القوم من الغم عند أمر اللّه تعالى بذلك، فيكون المراد بالإذن الأمر على الحقيقة.

  وقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ} وإضافته ذلك إليه يدل على أنه لم يخلقه لأنه لو خلقه، لم يكن لإضافته إلى الشيطان وجه؛ من حيث علم أن دعاءه لا يؤثر في حصوله منهم، وإنما يجب وجوده عند خلقه تعالى، وهذا ظاهر.

  ٧٥٦ - وقوله: {اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[١٦] في بيان المنافقين. من أدل الدلالة على أنه تعالى لا يخلق الذهاب عن الحق، لأنه لو خلق ذلك، لم يضف الصد عن سبيل اللّه إليهم، على ما بيناه.

  ٧٥٧ - وقوله: {أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}⁣[٢٢] لا يدل على أن الإيمان من خلقه تعالى؛ لأن الكتاب لا يفيد ذلك.

  والمراد عندنا: أنه تعالى يسم قلوبهم بعلامة من كتابة أو غيرها، ما يدل على أنهم مؤمنون مستحقون للثواب، لتفرق الملائكة بينهم وبين المطبوع على قلبه الذي