متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الحشر

صفحة 649 - الجزء 2

ومن سورة الحشر

  ٧٥٨ - قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}⁣[٢] تعلقوا به في أن خروجهم يجب أن يكون خلقا للّه تعالى، وقد بينا في⁣(⁣١) مواضع أن ذلك يوجب أنه تعالى يوصف به، لأنه إن كان يوصف بأنه أخرجهم من حيث خلق الإخراج الذي هو خروجهم، فيجب أن يوصف ... الظلم بأنه ظلمهم⁣(⁣٢). وهذا مما لا يقول به مسلم. ولو كان ذلك حقيقة لما جاز أن يصفهم فيقول: {ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا}⁣[٢] فيضيف الخروج إليهم.

  فالمراد بذلك: أنه تعالى لما أمر بإخراجهم، وتخريب منازلهم، وإجلائهم إلى الشام، جاز أن يقول تعالى على طريق الامتنان على النبي، صلى اللّه عليه، بهذا القول.

  ٧٥٩ - وقوله تعالى: {وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا}⁣[٣] فالمراد أنه كتب في الحقيقة وأخبر بذلك، ثم وقع الأمر على ما أخبر به. يدل ذلك على أن تعذيبهم في الدنيا من القتل وغيره⁣(⁣٣) كان يقوم مقام الجلاء، فيما يقع به من المصلحة. وهذا يدل على ما نقوله في اللطف، وأن فيها ما يقوم مقام غيره.

  ٧٦٠ - وقوله: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[٥] لا يدل على أن قطعهم من خلقه، وذلك أن الإذن


(١) في الأصل: يتنافى في.

(٢) كذا في الأصل. وربما كان قد سقط بعد كلمة (يوصف): (من حيث خلق) - ويكون الكلام لإلزام الخصم فقط - أو: (من حيث فعلوا).

(٣) في الأصل: وغيرها.