ومن سورة الحشر
ومن سورة الحشر
  ٧٥٨ - قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}[٢] تعلقوا به في أن خروجهم يجب أن يكون خلقا للّه تعالى، وقد بينا في(١) مواضع أن ذلك يوجب أنه تعالى يوصف به، لأنه إن كان يوصف بأنه أخرجهم من حيث خلق الإخراج الذي هو خروجهم، فيجب أن يوصف ... الظلم بأنه ظلمهم(٢). وهذا مما لا يقول به مسلم. ولو كان ذلك حقيقة لما جاز أن يصفهم فيقول: {ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا}[٢] فيضيف الخروج إليهم.
  فالمراد بذلك: أنه تعالى لما أمر بإخراجهم، وتخريب منازلهم، وإجلائهم إلى الشام، جاز أن يقول تعالى على طريق الامتنان على النبي، صلى اللّه عليه، بهذا القول.
  ٧٥٩ - وقوله تعالى: {وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا}[٣] فالمراد أنه كتب في الحقيقة وأخبر بذلك، ثم وقع الأمر على ما أخبر به. يدل ذلك على أن تعذيبهم في الدنيا من القتل وغيره(٣) كان يقوم مقام الجلاء، فيما يقع به من المصلحة. وهذا يدل على ما نقوله في اللطف، وأن فيها ما يقوم مقام غيره.
  ٧٦٠ - وقوله: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ}[٥] لا يدل على أن قطعهم من خلقه، وذلك أن الإذن
(١) في الأصل: يتنافى في.
(٢) كذا في الأصل. وربما كان قد سقط بعد كلمة (يوصف): (من حيث خلق) - ويكون الكلام لإلزام الخصم فقط - أو: (من حيث فعلوا).
(٣) في الأصل: وغيرها.