ومن سورة الحشر
  قد يكون الأمر والإعلام، على ما بينا(١). ونحن نحمله على الأمر في الحقيقة، لأنه تعالى أمرهم بقطع نخيلهم، لما فيه من المصلحة.
  ٧٦١ - وتعلقهم بقوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}[٩] في أن الشحّ والبخل من فعله، فيصح أن يقيه العبد، وأن يفعله به؛ فبعيد، وذلك أن ظاهره يقتضى أنه جنّب البخل، وليس فيه ذكر من جنبه ذلك، وأزاله عنه، فلا يدل الظاهر على ما قالوه، وإن(٢) كان لا يمتنع أن يحمل الشح(٣) على ما يختص به البخيل من ضيق القلب عن العطايا، وهذا هو من خلقه تعالى.
  ٧٦٢ - وقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا}[١٠] لا يدل على أن فعل القلب من خلقه تعالى، لأن الغل لا يمتنع عندنا أن يكون ما يحصل في القلب من شدة الشهوة بالنعم، فيكون كالباعث له على الحسد والخديعة، فسألوا زوال ذلك، وقد بينا أن الدعاء بالفعل لا يدل على حال ذلك الفعل وكيفيته، وعلى أن جنسه لا يقدر عليه إلا اللّه تعالى، مشروحا في غير موضع(٤).
  ٧٦٣ - وقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ}[٢٠] يدل على أن من استحق النار لا يفوز بالجنّة، والنجاة منها، وإلا كان يجب أن يكون قد ساووا أصحاب الجنة في ذلك، وقد نفاه اللّه تعالى ومنع منه. وذلك يحقق قولنا في الوعيد.
(١) انظر الفقرة: ٤٦.
(٢) في الأصل: فإن.
(٣) في الأصل: الشيء.
(٤) انظر الفقرات: ١٣، ١٤، ٥٢، ٥٣.