متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 4 - الجزء 1

  من واحد وتعذر على من هو بمثل حاله فلا بد من أن يختص بأمر له صح الفعل منه، وهذه الجملة لا تتعلق بالاختيار، فلذلك يصح أن يستدل بالحوادث التي لا يجوز أن تحدث من الأجسام على اللّه تعالى وعلى أنه قادر عالم، وليس كذلك حال القرآن.

  يبين أيضا ما ذكرناه أنه لا شبهة في أن فعل النبي قبل ظهور المعجز يدل على أنه قادر عالم، ولم يجب أن يدل كلامه على الأحكام - على هذا الحد - بل احتيج إلى ظهور المعجز ومعرفة حال المرسل وحكمته، وكذلك القول فيما قدمناه.

  فإن قال: إن كان الأمر كما ذكرتم فيجب أن تكون الأخبار الواردة في القرآن، الدالة على اللّه ø وعلى حكمته، عبثا لا فائدة فيها؛ لأن الاستدلال بها لا يمكن، ويجب أن يعرف ø بتوحيده وعدله أولا، ثم يعلم صحتها!

  قيل له: إنه ø إنما خاطب بذلك ليبعث السائل على النظر والاستدلال؛ بما ركب في العقول من الأدلة. أو لأنه علم أن المكلف عند سماعه والفكر فيه يكون أقرب إلى الاستدلال عليه، منه لو لم يسمع ذلك، فهذه الفائدة تخرج الخطاب من حد العبث.

  يبين ذلك أن الداعي منا إلى اللّه ø متى قصد إلى جاهل به فدعاه وعرّفه طريقة معرفته ومعرفة توحيده وعدله، لا يجوز أن يعد عابثا في دعائه، وان لم يصح من المدعو أن يعرفه جل وعز بنفس دعائه دون أن ينظر ويتدبر، فكذلك القول في كلامه ø، سيما ومن اعتقد في القرآن، قبل أن يعرف اللّه، أنه كلامه ø على جهة التقليد، وأنه تعالى لا يجوز أن يكذب، كان