متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة سأل سائل

صفحة 665 - الجزء 2

ومن سورة سأل سائل

  ٧٩٤ - أما تعلق المشبهة بقوله: {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ ٣ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}⁣[٣ - ٤] فبعيد، وذلك أن المعارج هي الدرجات الرفيعة، واللّه تعالى مالك لذلك وخالق له، فصح أن يضيفهما إلى نفسه.

  ٧٩٥ - وقوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} - وهو يعنى جبريل - إليه المراد به: إلى موضع هذه الدرجات. وقد بينا في مواضع أن ذلك لا يجب حمله على ظاهره ٣.

  ٧٩٦ - وقوله: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ٦ وَنَراهُ قَرِيباً}⁣[٦ - ٧] لا يدل على جواز القرب على اللّه تعالى، لأن المراد بالآية يوم القيامة والساعة، وهي معدومة، فالقرب في الحقيقة فيها لا يصح، كما أن بعدها لا يصح، فالمراد أنه تعالى يعلمه قريبا، من حيث يظنونه بعيدا.

  ٧٩٧ - وقوله تعالى: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ}⁣[١١] يدل على نزول العذاب بكل مجرم. وعلى أنه لا مخلص له من ذلك اليوم من العذاب؛ لأنه لو خلص منه بشفاعة، أو غيرها، لما جاز أن يوصف بهذه الصفة التي تقتضى اليأس من التخلص من العقاب.

  ٧٩٨ - وقوله تعالى: {إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً}⁣[٢٠] لا يدل على أن الشر من فعله، لأنه ليس في الظاهر أن الشر الذي مسه من فعله، أو من فعل غيره، وإنما وصفه بالجزع والهلع عند مس الشر له، فمن أين أن المراد قالوه؟

  وإنما المراد بالآية: أنه إذا مسته المصائب يلحقه الجزع والقلق، ويقل