ومن سورة الجن
ومن سورة الجن
  ٨٠٢ - قوله تعالى: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً}[١٠] لا يدل على أنه تعالى يريد الشر والقبيح، لأنه ليس في ظاهره ذكر المريد من هو، كما ذكر في ظاهره أنه تعالى أراد بهم الرشد، ولأنه حكاية عنهم، أنهم أوردوه على طريقة الشك، فلا يجوز أن يتعلق بظاهره وقد بينا من قبل أن الشدائد والمحن الواردة من قبله تعالى قد توصف بأنها شر، على طريقة المجاز، ولا يمتنع أن يكون أهل اللغة استعملوه على طريق الحقيقة، من حيث عندهم أن الشر هو الضرر، وإنما يخرج عن هذه الصفة بالعاقبة، فإذا لم يعرفوها، دخل عندهم في حقيقة الشر.
  ٨٠٣ - وقوله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً}[١٦] بعد ذكر الوعيد في القاسطين(١)، يدل على أنهم متمكنون من الاستقامة على الطريق، وإن كانوا في الحال قاسطين. وذلك يوجب أن المكلف متمكن من غير الفعل الذي اختاره.
  ٨٠٤ - وقوله: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}[١٧] تقدم القول فيه: أن المراد به تشديد المحنة دون الكفر والمعاصي(٢).
  ٨٠٥ - وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً}[٢٣] يدل على ما نقوله في الوعيد، لأنه تعالى أوجب لمن هذا وصفه، الخلود في النار، ولم يخص الكافر من الفاسق.
(١) قال تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ١٤ وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} الآيتان: ١٤ - ١٥.
(٢) انظر الفقرتين: ٢١٢، ٤، ٤٦٤.