ومن سورة المرسلات
ومن سورة المرسلات
  ٨١٩ - قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ٢٠ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ}[٢٠ - ٢١] لا يدل على أنه تعالى خلق أفعال العباد، لأن استقرار الماء في قرار من فعله تعالى. وقد بينا ذلك من قبل(١).
  وبعد فإنه لم يذكر القرار الذي يجعله فيه، فيصح للمخالف التعلق به!
  ٨٢٠ - وقوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ٣٥ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ٣٦ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٣٧}[٣٥ - ٣٧] يدل على ما نقوله في العدل، لأنه تعالى بيّن أنه لا سبيل لهم في ذلك اليوم إلى حجة وعذر يظهرونهما ليزيلوا بهما عن أنفسهم ما نزل بهم وسينزل. ولو كان الأمر على ما يقوله القوم، لوجب أن يكون لهم العذر العظيم، والحجة الوكيدة. وقد بينا القول في كيفية عذرهم وحجتهم، وبينا أنه لا يمكن أن يقال: لا يؤذن لهم فيعتذرون، وإن كان لهم عذر في الحقيقة، وأنه تعالى أراد بذلك نفى العذر أصلا(٢). وذلك يبين ما قلناه.
  ٨٢١ - وقوله تعالى: {هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ}[٣٨] يدل على أن الذي يجرى فيه هو العدل، وذلك لا يصح مع القول بأن الكافر قد خلق فيه الكفر، وقدرة الكفر، وإرادة الكفر وقدرتها، ولم يرد منه سواه، ولم يخلق إلّا له، وجعل بحيث لا يمكنه اختيار خلافه، والإيمان منع منه ولم يعطه، ثم يخلده في النار أبدا «ولو أراد تعالى(٣) أن يظلم - على قولهم، تعالى
(١) انظر الفقرة: ٤٨٤.
(٢) انظر الفقرة: ٧٨٣.
(٣) في الأصل: تعالى لو أراد.