متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة إذا زلزلت

صفحة 699 - الجزء 2

ومن سورة إذا زلزلت

  ٨٦٧ - قوله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[٧ - ٨] [لا] يصح أن يتعلق به المرجئة، في أن الفاسق يرى ثواب إيمانه، لأنا قد بينا أنه لا بد فيما تعلق الوعد به من خير وطاعة، وتعلق الوعيد به من شر ومعصية، من شرط الاستحقاق، وبينا أن استحقاق الثواب والعقاب معا يستحيل، فيجب ألا يستحق إلا أحدهما. وذلك يوجب أن لا يرى العبد إلا الثواب أو العقاب، فكأنه تعالى قال: فمن يعمل مثقال ذرة خير يره، وسلم له بأن لا يكون معه ما يحبط ثوابه؛ لأنه لا يجوز أن يكون الذي يراه هو الخير الذي فعله، فالثواب محذوف ذكره. وكذلك القول في العقاب. ولولا أن الأمر كذلك لما صح قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ}⁣(⁣١) لأنه كان يجب أن يجد جزاء تلك السيئات، فلا تكون مكفّرة، وهذا بين البطلان.

  * * *


(١) الآية ٣١ من سورة النساء.