متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

891 - مسألة في النخلية

صفحة 715 - الجزء 2

  يكون ذلك الفعل على صفة من قبله. ومن لم يكن مخلى بينه وبينه وحصل هناك منع أو إلجاء، لم يجز أن يكون ذلك الفعل من قبله على كل وجه، ولذلك قلنا:

  إن الواحد منا لو ألجأ غيره إلى أن يضر برجل، لكان العوض على المجيء، لأنه في الحكم كان الفعل من قبله. ومتى فعله وهو مخلى يلزمه بنفسه العوض، لأن الإضرار من قبله. وقد علمنا أن المكلف لا يجوز أن يستحق الثواب إلا وحاله ما قدمناه، لأنه لو كان ما يفعله في حكم المفعول فيه لصار كأنه مفعول فيه في أنه لا يستحق المدح والثواب، فكان في ذلك إبطال العوض بالتكليف، فلذلك يطلب⁣(⁣١) في المكلف أن يكون قادرا، لأن التخلية لا تصح إلى في القادر. وشرطنا ارتفاع الإلجاء عنه، لأن مع وجوده تزول التخلية، على ما بيناه.

  وشرطنا ألا يكون ممنوعا، لأن الممنوع من الفعل محال أن يكون مخلى بينه وبينه. وشرطنا أن يكون سائرها يحتاج إليه في الفعل، إما حاصلا أو ممكنا من تحصيله، لأن ما به يفعل الفعل ويتمكن لأجله، متى عدم، زال⁣(⁣٢) التمكن، فضلا عن أن يكون مخلى بينه وبين الفعل، فلا بد لأجل هذه الجملة من أن يكون المكلف على هذه الصفات التي ذكرناها، ليصح ثبوت التخلية فيه.

  ويتحصل ما ذكرناه في التخلية، ولو كانت أسبابها تختلف، بأن يكون قادرا على الفعل وتركه، والإلجاء وسائر وجوه الموانع مرتفعة. فإذا حصل كذلك ثبتت التخلية.


(١) في الأصل: يبطل.

(٢) في الأصل: زوال.