900 - مسألة في ذكر الخذلان والنصرة وما يتصل بهما
  على غيره، ولذلك يكثر استعماله في الحرب والقتل، لكنه استعمل في سائر ما يقتضى الظفر بالعدو في الحال أو في الثاني، فوصف الحجة إنها نصرة، ووصفت الطاعة بذلك، من حيث تؤدى إلى المدح وزوال الذم، والظفر من هذا الوجه بالعدو، في الاستخفاف والإهانة، واستعمل فيما يفعله تعالى بالمجاهد في الأمور التي معها يظفر بالكفار، من تثبيت الأقدام، وتقوية القلوب، وما يثبته في قلوب العدو من الرعب، والإمداد بالملائكة، والتذكير بما يستحقه المجاهد من عظم الثواب، إلى غير ذلك.
  ولا بد من أن يعتبر في النصرة الظفر على وجه لا يتعقبه المضار الموفية على ما يحصل في الحال من النفع والسرور؛ لأنه متى كان كذلك، عاد الحال فيما حصل في الوقت إلى أنه مضرة. ولا تستعمل النصرة إلا في المنافع وما يؤدى إليها، فلذلك قلنا: إن الكافر إذا ظفر بالمؤمن لا يكون منصورا؛ لأنه ممنوع من ذلك، مذموم عليه، يستحق عليه العقوبة. فعادت الحال في المسرة إلى أنها مضرة. ويقال في المؤمن وإن غلب مع بذل الاجتهاد وترك التقصير: إنه منصور، من حيث بذل وسعه، فاستحق الثواب العظيم على ذلك، وعلى ما يلحق قلبه من الغم، فعاد الحال فيه إلى أنه منصور.
  ولا يمتنع، على ما قدمناه، أن ينصر تعالى أولياءه بالأدلة والحجة والبراهين، وسائر ما يمدهم به، ويعينهم في التكليف.
  فأما الخذلان: فهو كل فعل حرمه الظفر بما يتبعه وينفعه مما يؤثر في قلب عدوه. فقد يكون الكافر مخذولا بالحجة؛ لأنه لا حجة له. وقد تكون معاصيه خذلانا، من حيث يستحق بها الاستخفاف والنكال. وما يغلب عنده