901 - مسألة فيما يحسن من المكلف الدعاء به والمسألة له، مما قدمنا ذكره، وما يتصل بذلك.
  بهذه الصفة، لم يكن إلا حسنا، فيكون نفس اللطف مغنيا عن الشرط.
  واعلم أن الدعاء قد يكون نفسه لطفا؛ يعلم كونه كذلك من جهة الشرع، ولولاه لما حسن. فلا يمتنع فيما هذا حاله أن يدعو المكلف فيه بما يعلم أنه تعالى لا يفعله. وكذلك من جهة العقل إذا كان له غرض في مسألة ما هذا حاله؛ حسن لذلك الغرض، لا لأمر يرجع إلى ما طلبه، لأنه لعلمه بأنه لا يقع فيه.(١) وما هذا حاله لا داعى له إلى طلبه، فإنما يحسن طلبه لأمر يرجع إليه، أو إلى ثواب يستحقه على نفس الدعاء. وقد كان لا يمتنع من جهة العقل أن يدعو الإنسان للكافر بالمغفرة، إذا كان في ذلك غرض، ولنفسه إذا كان كافرا، فأما من جهة الشرع، فقد ورد التعبد بخلافه، فوجب المنع منه، لأنه مفسدة. فأما الدعاء للمؤمن بالثواب، فالعقل والسمع فيه سواء، لأنه لا يحسن أن يدعى إلا للمطيع؛ لأن فعله لغير المطيع يقبح، من حيث لا يحسن إلا مستحقا كالمدح والتعظيم. فأما الفاسق فقد ورد السمع بأنه معاقب في الآخرة، وسبيله سبيل الكافر فيما ذكرناه، في السمع والعقل.
  واختلف العلماء في دعاء الفاسق لنفسه بالمغفرة، فمنهم من منع منه، كما منع ذلك في الدعاء لغيره من الفساق والكفار. وعلل بأنهم كهم في أن العلم قد وقع من جهة السمع بأنه تعالى لا يغفر لهم، فيقبح منه ذلك. ومنهم من قال:
  إن ذلك يحسن منه في نفسه، وحمل في قول الفاسق في «التحيات للّه»:
  السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، على هذا الوجه. وذكر أنه يستحسن ذلك أن يقوله لنفسه، ولا يستحسنه لغيره. وهذا هو الأولى. والعلة فيه: أنه لو عاين
(١) وبعده خرم في الأصل بمقدار كلمتين، لعلهما: لا يحسن منه.