902 - مسألة في مقارنة اللطف والمفسدة
  من أن العبد ممكن من الطاعة والمعصية، وأنهما يحدثان من قبله، لا يمنع من إضافة [الطاعة] إليه تعالى، لأنها إنما تتم منا بسائر الوجوه التي قدمت ذكرها، ولولاها لم تتم، فغير ممتنع أن يضيفها تعالى إلى نفسه، ويضيفها العبد إليه.
  ويبين ما ذكرناه أن المعاصي ينبغي أن لا تضاف إليه تعالى، على وجه.
  وذلك لأن سائر ما معه تحسن الإضافة وتصح، معدوم فيها، بل قد اختصت بوجوه تقطع الإضافة، من حيث منعنا من فعلها بالزجر والوعيد والنهى والتخويف، إلى غير ذلك من الألطاف التي بعث العبد بها إلى أن لا يفعلها. ويوجب كل ذلك أن العبد إذا عوقب ووبخ على المعاصي، فإنه يستحق ذلك، لأنه أتى من قبل نفسه، من حيث أزاح تعالى سائر علله في أن لا يفعلها، وسهل له السبيل إلى ذلك، ولم يدع أمرا لو فعله لم يكن يختار المعصية إلا وقد فعله، ولا فعل أمرا لو لم يفعله لاختار المعصية، إلا ولم يفعله، فإنما أتى من قبل نفسه من كل وجه، وإن كان طاعته لم تتم من قبل نفسه بكل وجه.
  فلهذه الجملة: جعلنا القديم تعالى منعما بالطاعة؛ لأنه من الوجوه التي بيناها صارت الطاعة كأنها من قبله تعالى، ولم نجعله بما فعله من المعصية سببا.
٩٠٢ - مسألة في مقارنة اللطف والمفسدة
  اعلم أن القدرة وسائر ما به وعنده يصح منه الفعل، ولولاه كان يتعذر في باب التمكين، فلا يجوز أن «يعد اللطف من(١)، لأن اللطف هو عبارة عما يغير دواعي الإنسان واختياره، فلا بد من أن يكون التمكين من الفعل قد تقدم،
(١) في الأصل: يعدم