الفصل الأول القاضي عبد الجبار
دراسات أصولية فريدة:
  بل إننا نجد عند القاضي في ميدان الدراسات الأصولية، بناء على منهجه الدقيق في البحث، مسائل وأبحاثا لم يسبق إليها، فكتابه «المغنى» - وهو في علم الكلام، أو في أصول الاعتقاد، كما يعبرون - يحوى بين أجزائه جزءا يحمل عنوان «الشرعيات» - الجزء السابع عشر - تناول فيه مباحث في أصول الفقه، كمسائل الإجماع والقياس والاجتهاد، وأبحاث العموم والخصوص، والأمر والنهى؛ ونحوها، على غير ما تناولتها كتب أصول الفقه، فقد كان يكتفى منها بذكر جمل القول، وما يجرى منها مجرى الأصول، ولهذا وضعها في كتاب خصه بعلم الكلام، وهو يقول في ذلك: «وإنما نذكر في هذا الموضوع جمل القول في الأدلة، لأن الغرض بيان ما يعرف به الأحكام في الوعد والوعيد، دون تقصى القول في أصول الفقه(١)» ويقول: «وإنما نذكر الآن جمل الأدلة، لوقوع الحاجة إليها في باب معرفة أصول الشرائع، والوعد والوعيد، والأسماء والأحكام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والإمامة، لأن هذه الأبواب أصلها الأدلة الشرعية؛ فلا بد من بيان أصولها(٢)»
  ويرى الأستاذ المرحوم أمين الخولي - الذي حرر نص الشرعيات - أن بأمثال هذه العبارات ونحوها من الإشارات الكثيرة في الجزء المذكور «ندرك أن موضوع هذا الجزء هو ما يلتقى فيه «الأصلان» اللذان سماهما الأقدمون: أصل الاعتقاد، وأصل العمل ... أو أصول العقيدة، وأصول الفقه، يعرض فيه قاضى القضاة لهذه الناحية مبينا صلة أصول الفقه بأصول الاعتقاد، وهذا ما يبينه قوله:
(١) انظر الشرعيات (ج ١٧ من المغنى) ص: ٩٢.
(٢) المصدر السابق، نفس الصفحة.