ومن سورة الأنعام
ومن سورة الأنعام
  ٢٠٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أن للانسان أجلين، وأنه يجوز أن يقطع القاتل على المقتول أحدهما، فقال {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}[٢].
  والجواب عن ذلك: «أن الظاهر(١) إنما يقتضى أنه قضى أجلا، وإثبات أجل(٢) مسمى عنده، وليس فيه أن كلا الأجلين في الدنيا، وهو موضع الخلاف، وليس في الظاهر أيضا أن الأجل المسمى عنده هو(٣) لمن قضى له الأجل الأول.
  والمراد بذلك: أنه قضى لهم الآجال في الدنيا؛ لأنه لا واحد إلا وقد حكم تعالى بوقت موته، والوقت الذي يمتد كونه حيا فيه، فلا يموت إلا في الوقت المعلوم، ولا يحيا إلا في الوقت المقدور.
  وقوله تعالى: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} أراد به وقت حياتهم في الآخرة، ولذلك أضافه إليه الإضافة الدالة على أن المراد بها الموضع الذي لا ينفذ الحكم فيه إلا له.
  وأراد بقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} أنه خلق أصلكم من طين، فلما تفرعنا عما هذا حاله جاز أن نوصف بهذه الصفة.
  فمتى حملنا الآية على هذا الوجه، وفيناها حقها في التعميم، وإذا حملت على
(١) ساقط من د.
(٢) لعل المعنى و: ويقتضى إثبات أجل.
(٣) في د: وهو.