متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الأعراف

صفحة 273 - الجزء 1

ومن سورة الأعراف

  ٢٤٧ - دلالة: وقوله تعالى فيها: {فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ}⁣[٥] فبين أنهم عند مشاهدة العذاب التجئوا إلى هذا القول، ولم يتعلقوا إلا به، ولو كان الأمر على ما تقوله المجبرة لكان الأولى من ذلك أن يقولوا عند رؤية العذاب: إنك أوقعتنا في الظلم ومنعتنا من خلافه وصرفتنا عن ذلك، وختمت على قلوبنا، ولم «توجد لنا⁣(⁣١) السبيل إلى الإيمان، بل منعتنا منه بسلب القدرة عليه، وبوجود القدرة على ضده «وبوجود ضده⁣(⁣٢) إلى غير ذلك، لأن المتقرر في العقول أنه لا عذر لمن يعامل بمضرة أوضح من أن يظهر أنه لم يقدر على خلاف ما فعل، وهذا بين.

  ٢٤٨ - وقوله تعالى بعد ذلك: {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}⁣[٦] يدل على أنه تعالى يسائل يوم القيامة، ولو كان هو الخالق فيهم ما تقدم منهم من الكفر والإيمان لم يكن لمسألته إياهم معنى، بل كان يجب أن يكون طريقا إلى إقامة الحجة عليه⁣(⁣٣)، فكان بأن يهرب من مسألتهم أولى، بل كان يجب أن يسائل نفسه فيما فعله ويحاسبها، جل اللّه عن ذلك!

  وهذه الآية تدل على أنه تعالى يسائل المؤمنين والكافرين والأنبياء، على خلاف ما يظنه بعض الحشوية.

  ٢٤٩ - وقوله تعالى بعد ذلك: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ


(١) في النسختين: توجدنا.

(٢) ساقط من د.

(٣) في النسختين: عليهم.

(م - ١٨ متشابه القرآن)